هناك مجموعة متباينة ومتعددة من العوامل التي عملت بشكل فاعل في ترسيخ العامل الاساس الذي كان وراء نشأة المدن ونموها وتطورها ومن اهم هذه العوامل هي:
- عوامل بشرية (الديموغرافية)
تنمو المدن نتيجة زيادة عدد السكان ، ويعرف التغيير حجم السكان سواء بالزيادة أو النقصان بالحركة السكانية، كما يؤثر عدد السكان وتركيبهم العمري والنوعي ومعدلات نموهم بنية المدينة واستخدام الأرض لها ، فضلا عن التنوع الثقافي ، كما يؤدي النمو الحضري المتزايد والهجرة من الأرياف إلى التوسع المستمر في الحيز الحضري بينما تتسم مدن أقاليم النمو السكاني البطيء بالثبات النسبي من مساحات المدن ، يتضح أثر هذا العامل في ضوء زيادة السكان وما يتطلبه من استخدامات تفي بحاجات الشرائح العمرية المختلفة، وتتجدد المجتمعات نتيجة هذه العوامل
- فإن ارتفاع معدل المواليد يساهم في الزيادة السكانية بينما معدل الوفيات يساهم في انخفاضها، وإذا ما طرحنا معدل الوفيات من معدل المواليد فانه يمكن معرفة الزيادة السكانية، ويمكن من خلال هذا الفرق معرفة معدل النمو الطبيعي المجتمع ما
- قد تضاعف عدد سكان المدن المزدحمة كبغداد و البصرة نتيجة عدد من المتغيرات منها : الواقع الصحي المختلف عن المدن الاخرى و ازدياد فرص العمل و الخدمات و الترفيه و وجود الاماكن الدراسية كالكليات و المعاهد و باقي مؤسسات الدولة المهمة التي يحتاجها المواطن في تسيير اموره الحياتيه و المعاشية و عليه فان توفير احتياجات الانسان في المدن الجديدة هو من اساسيات انجاح تلك المدينة و ازدياد الرغبة الشرائية و المعيشة فيها
- المواليد والوفيات: يعتبر هذان العاملان من العوامل المؤثرة في الحركة السكانية، في تأثيرها على نمو المجتمع ونموه وتحديد نوعه، وتلعب الوفيات دورا في التأثير في حجم السكان وتركيبهم النوعي، وتتأثر كلا من المواليد والوفيات بعوامل مختلفة منها التحولات التي تتم في البنية الاجتماعية والاقتصادية.
- الهجرة: فهي ظاهرة اجتماعية، ترتبط ارتباطا وثيقا بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتم في المدن المهاجر منها واليها، فهي شكل من أشكال الحركة السكانية وهي تعني الارتجال من موطن لآخر مدة قد تقصر او تطول، مدفوعين للبحث عن فرص عمل، وأنماط حياة جديدة، وتؤثر الهجرة بدورها في اتجاه التغير الاقتصادي والاجتماعي بما تحدثه من آثار في الهرم السكاني وحجم السكان وتركيبهم في المكان المهاجر منه والمكان المهاجر إليه ، وتحدث هذه التغيرات نتيجة هجرة السكان إلى المدن مما أدي إلى التغير الحضري والذي نتج عنه تغيير شكل وهيئة وحجم التركيب الاجتماعي للمدن فادي تحسين مستوى المعيشة في مدن العالم الثالث إلى جذب كثير من الملايين إلى الهجرة من الريف إلى المدن وعلى العكس في مدن العالم الغربي تحولت نوعية الحياة الأفضل إلى خارج المدن وعرفت باسم الضواحي وليس إلى داخل المدن كما حدث في مدن العالم الثالث، وساعدت العوامل السكانية في عدم التوازن في الخدمات وعدم العدالة في توزيع الدخول والفصل العرقي والسلالي للسكان في المدن الأمريكية وأدي ذلك أيضا إلى قصور في الخدمات الصحية كدليل واضح على اختلاف في مستوى الصحة
- رفع مستوى المعيشة ويمكن تقسيمها إلى نوعين : أسباب طاردة و أسباب جاذبة أي ما يعرف بالتخلخل والتركز، وهما يشيران إلى التغيرات التي تحدث في التوزيع المكاني السكاني، أي تغير الكثافة السكانية ، ويعد التخلخل حركة انتقال طاردة بعيدا عن المركز في اتجاه اطرافه الخارجية.
- أما التركز فهي عملية انتقال جاذبة إلى مركز النشاط ، أي إلى منطقة ذات ظروف طبيعية وإنسانية أفضل. و يتأثر توزيع السكان سواء أكان مركزية أولا مركزي أو خطي على شكل سلسلة بشكل وانتشار ، وأهمية وسائل ومصادر الإنتاج ونوع الصناعة وبالطبيعة الطبوغرافية والجغرافية للأرض .
- الأمان والاستقرار السياسي والاجتماعي يعتبران عوامل حاسمة في جعل المدينة جذابة للسكن والاستثمار. يشعر الأفراد بالأمان والثقة عندما يعيشون في بيئة مستقرة وآمنة، وهذا يعزز جودة حياتهم ويجعلهم يتطلعون إلى الاستقرار الطويل الأمد والاستثمار في المدينة.
- عوامل جغرافية
العوامل الجغرافية المؤثرة في خطة المدينة ويمكن أن نتابع مراحل نمو المدينة مورفولوجيا مع تتابع أو تنوع خطط الشوارع إذ لكل مرحلة نظام خططها خاص بها مما لا يمكن أن تتكرر بنفس الصيغة ، ويمكن القول بصورة عامة أن أي مخطط للمدينة يتأثر بعامل أساسي هو
العامل الطبيعي: وتظهر أهميته في إعطاء الشكل وربما الوظائف للمدن سواء منها التي بنيت في الماضي او الحاضر فإن العامل البشري هو الذي يرسم خطة المدينة أو يطورها ويعيد بناءها إذ اننا نجد في الأراضي السهلية أن المدن المصورة غالبا ما تأخذ الشكل الدائري أو القريب منه، وقد يكون الشكل المستطيل مناسبة للمناطق السهلية وخاصة تلك التي تقطعها الأنهار مع ذلك نجد أن هناك مدنا أنشأت في الأراضي الجبلية ذات أشكال مستطيلة أو مضلعة أو قريبة منها ، وقد يكون الموضع ضيفا محدودة يحول دون توسع المدينة كما هو الحال في موضع مكة المكرمة ومع ذلك يبحث المخطط عن وسائل جديدة للتغلب على تلك العقبة عن طريق التوسع العمودي أو تسوية المناطق الجبلية أو شق الأنفاق بالإضافة إلى محاولة اختيار المواقع المثالية للمحلات العمرانية في الأقاليم المختلفة وتوزيعها بنمط معين من حيث الحجم والأعداد والتباعد، بما يضمن الساكن المحلة أو الإقليم الحصول على كل ما يحتاج إليه من خدمات في سهولة ويسر ، وبدون مشاكل قدر المستطاع، يهتم التخطيط العمراني بتخطيط المدن ، فيدرس موضوع المدينة وموقعها العام الذي يحدد شكل المدينة ويسهم في تحديد ابعاد خطتها العمرانية الحالية والمستقبلة ، بالإضافة إلى تحليل شكلها الخاص وتركيبها حيت يهتم بدراسة الأحياء وتصنيفها حسب الوظيفة ( أحياء سكنية ، أحياء تجارية ، أحياء صناعية ) ، ومرافق الخدمات العامة من صحية وتعليمية وترفيهية ونقل ، بل يدخل في دائرة الاهتمام تخطيط المساكن نفسها ودراستها من حيث الشكل والمساحة والارتفاع والتركيب الداخلي ومواد البناء .
- عوامل اقتصادية:
لقد كان للعامل الاقتصادي الدور المهم في اقامة العديد من المدن، اذ كثيراً ما كان يُراعى في تحديد موقع المدينة (اقليمها) ان يكون ملائماً لممارسة جميع الانشطة الاقتصادية المختلفة كالزراعة والتجارة والصناعة، اذ يفضل ان يكون الموقع ذو تربة غنية وفيرة المياه وذات مناخ ملائم، ويجب ان يكون فيها من المواد الاولية ما يسهل عملية قيام الصناعات المناسبة، اضافة الى وجود مجالاً للترفيه بما يسد حاجة سكان المدينة، لقد كان للعامل التجاري اهمية بالغة في نشأة المدن، اذ استخدمت العديد من المدن كمخزن او متجر لجمع وخزن البضائع والسلع من الاقليم المباشر او غير المباشر لهذه المدن وعن طريق هذا المخزن يتم توزيع البضائع على جميع انحاء المدينة او المناطق الاخرى القريبة منها، الامر الذي ادى الى تركز الفعاليات الاقتصادية حولها وبالتالي اصبحت تشكل نواة لنشأة المدينة في مراحلها الاولى. اما بالنسبة الى عامل التصنيع فيعد عاملاً رئيسياً في نشأة المدن الكبيرة والسريعة النمو وذلك لأنه ساعد على نمو وتوسع المدن من حيث الحجم والمساحة، والتصنيع هو عملية تنمية وتطوير لإمكانيات الانتاج الصناعي من ناحية وتطوير وتنمية قدرة الفرد الانتاجية من ناحية اخرى. فقد لعبت الصناعة دوراً كبيراً في جذب العديد من الايدي العاملة من المناطق الريفية المحاذية للمدن، مما ترتب عليه كبر احجام المراكز الحضرية كان ذلك بسبب ارتفاع وتائر الهجرة الريفية المستمرة من الريف حيث القطاع الزراعي والظروف الاقتصادية الصعبة الى المدن حيث يسود القطاع الصناعي والخدمي ورفاهية الظروف الاقتصادية. وعليه فقد ساهمت الصناعة في توفير فرص العمل وتشغيل العديد من الايدي العاملة، ومن ثم ادى ذلك الى زيادة حجوم المدن وتوسيع رقعتها الجغرافية. و اخيرا فان توافر الخدمات البلدية كالمياه الصالحة للشرب و خدمات الصرف الصحي و توافر الطاقة الكهربائية يعتبر من المحفزات الاهم لنجاح اي مدينة بشكل اسرع.
- الموقع الجغرافي
للموقع أهمية حيوية بالنسبة لنشأة ونمو المدن ، لذا يعده البعض من أهم عناصرها، بل ويعده البعض الآخر قلب الجغرافيا، فبعض المدن تنمو وتزدهر عمرانية نتيجة لوقوعها في مواقع خاصة متميزة، بينما تتضاءل مدن أخرى مع تضاءل أهمية موقعها ، كما أنه يعد من أهم الضوابط المؤثرة في دراسة المراكز العمرانية ، ومرد ذلك إلى ما للموقع من تأثير مباشر في حياة الإنسان واستقراره في أماكن محددة، فاختلاف سطح الأرض وتباينه تباينا واضحا يؤدي إلى إيجاد قيم مكانية متفاوتة، حيث يقوم الإنسان باختيار الأنسب منها لأغراض السكنية، وقد أدى هذا إلى أن تكون بعض المواقع أفضل من غيرها وأكثرها حساسية وحيوية، حيث يطلق عليها الأماكن الحرجة والنقاط الحساسة الحيوية على صفحة اللاندسكيب بمعناه الطبيعي البشري، ولما كانت المدينة تعتمد في علاقتها الخارجية على المناطق المحيطة بها، فإن افضل المواقع هي التي تحقق أكبر قدر ممكن من تلك العلاقات، وتعمل على ضمان تطورها وتنميتها، ورغم تطور دراسة الموقع، فإنها لا تزال غير كافية ولم تخضع لتصنيف منهجي أو نوعي ، لذا فهي فكرة متغيرة على مر العصور، كما أن قليلا من المواقع ما بعد خالد في التاريخ. ويعد الموقع أهم عنصر جغرافي بل لقد كانت المدن عند الجغرافي قبل كتابة جغرافية المدن الحديثة هي أساسا ” مواقع المدن”، ورغم تطور دراسة الموقع إلا أنها لا تزال غير كافية ولم تخضع لتصنيف منهجي أو نوعي .